إن كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) كثير من المسلمين يرددوها؛ لكن في حياتهم يرتكبون ما يناقض هذه الكلمة، يقول: من الذي تنفعه هذه الكلمة؟
هذه الكلمة هي أعظم كلمة في الوجود، وعليها مدار الرسالات السماوية كلها، ولأجلها أرسلت الرسل وأنزلت الكتب، (لا إله إلا الله)، أي: لا معبود بحق إلا الله، فكل من عبد من دون الله عز وجل سواء كان نبيا أو ملكا أو وليا أو طاغوتا يدعو الناس إلى عبادته كفرعون ونحوه أو هؤلاء المجرمون الذين يسمون باسم الإسلام والأولياء وهم أشر خلق الله لا يدعون الناس إلى عبادة الله وإنما يدعونهم لعبادة أنفسهم كل هذه العبادات باطلة، وهذه الكلمة تبطلها لمن كان يفقه معناها ويعرف مقتضاها؛ لكن المصيبة كما ذكر الأخ نزار - وفقه الله - كثير من المسلمين اليوم يقعون في الشرك الأكبر المخرج من الملة فيعبدون غير الله، مع أنهم يرددون هذه الكلمة ويظنون أنهم يحسنون صنعا، كل أسف يعني حتى إن بعض العلماء قال: إن مشركي الجاهلية الأولى في عهد النبي – عليه الصلاة والسلام – أكثر فقها ومعرفة بمعنى (لا إله إلا الله) من هؤلاء، ويكذب ما دعاه النبي – عليه الصلاة والسلام – إلى قول هذه الكلمة قالوا: {أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب}، يعني لو فرض أقروا بأنه لا معبود بحق إلا الله بطلت عبادة الأصنام وعبادة الملائكة وعبادة الرسل إلى آخره، فكانوا يرفضون، لماذا ترفض نحن نريد أن نعبد غير الله يعني {ما نعبدهم} يعني أقصد الأصنام {إلا ليقربونا إلى الله زلفى}.
هم يعرفون أن الله عز وجل هو المتفرد بالخلق والرزق والإحياء والإماتة وتدبير الأمور، لا أحد من الكفار على مر العصور ينكر هذا، حتى من ينكر وجود إله مثل: الشيوعية، ومثل الدهريين، هم ينكرونه في الظاهر؛ لكن في قرارة أنفسهم يعلمون أن هناك قوة عظيمة خفية، يسموها ما شاءوا، قد يسمونها الله أو الخالق أو القوة الخفية يعلمون أنها مسيطرة على هذا الكون الخالقة له هي التي تحكم بهذا التوازن العجيب الدقيق المتناسق؛ لكن ما لهذا أرسلت الرسل، ما جاءت الرسل يقولوا: آمنوا بأن الله موجود، أو أن الله هو الخالق الرازق المدبر لأمر الكون، وهو الرب المحمود، هذا شيء مقرر في الفطر لا ينكره أحد؛ لكن جاءوا لهم يقولون لهم: إذا كنتم توقنون بأن الله سبحانه وتعالى هو المتفرد بالربوبية والخلق والرزق والإحياء والإماتة وبيده ملكوت كل شيء ومقاليد السماوات والأرض إذن لا يجوز لكم أن تعبدوا غيره، لا يجوز لكم أن تعبدوا شمسا، ولا قمرا، ولا صنما، ولا بقرا، ولا حجرا، ولا رسولا، ولا نبيا، ولا وليا، ولا ملكا، لا يجوز أن يعبد إلا الله، فهذا معنى (لا إله إلا الله).
ولهذا قال الله عز وجل: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}، الطاغوت: كل من يعبد من دون الله فهو طاغوت، كل من يعبد من دون الله ورضي بذلك فهو طاغوت، - والعياذ بالله -، يعني ينازع الله عز وجل في ألوهيته.
أيضا قال عز وجل: {وما أرسلنا من قبلك من رسول} هذه رسالة الرسل لاحظ كيف {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله} ما قال: لا رب إلا أنا، أو لا خالق إلا أنا، هذا معروف مقرر في الفطر؛ لكن لا إله يعني: لا مألوه، ولا معبود إلا هو سبحانه وتعالى {لا إله إلا أنا فاعبدون}.
ولهذا قال عز وجل في سورة البقرة قال سبحانه: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى}.
عروة الوثقى: هي (لا إله إلا الله) والعجب سبحان الله في هذه الآية أنه قدم الكفر بالطواغيت وإنكار عبادة غير الله قبل الأمر بعبادته سبحانه، لاحظ {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها}.
ولهذا يا أخي: هذه القبور التي تعبد بكل أسف في أكثر بلاد الإسلام لا شك أن هذه العبادات التي تصرف لها الذين يطوفون بها يستغيثون بها يحلفون بها ينذرون لها يهدون القرابين والذبائح لها كل هذا والله من الشرك الأكبر المخرج من الملة، وهو فعل الجاهلية الأولى، ووالله لا فرق بين هؤلاء وبين المشركين في الجاهلية الأولى إلا أن أولئك كانوا يعبدون أصناما يصنعونها من حجارة أو فخار أو شجر أو نحوها على هيئة إنسان ويعبدونها، وهؤلاء تعلقوا بما يسمونهم الأولياء أو الصالحين أو الأنبياء وأخذوا يعبدونهم من دون الله، فإذا أنكرت عليهم لا يجوز يا أخي: الصلاة لا يجوز لك أن تسجد إلا لله، ولا يجوز أن تذبح إلا لله، {فصل لربك وانحر}، انظر كما أنه لا يجوز السجود إلا لله لا يجوز الذبح إلا لله، وباسم الله سبحانه وتعالى، الدعاء لا يجوز إلا لله، ومن دعا غير الله فقد كفر وأشرك، النذر كذلك وهكذا، قالوا لك بكل جهل وصفاقة: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}، {هؤلاء شفعاؤنا عند الله}، نفس منطق الجاهلية الأولى - نسأل الله أن يبصرهم ويهديهم -.
قد يكون كثير منهم ربما - إن شاء الله - نرجو الله أن يعفو عنه لجهله يتربى على يد أئمة ضلالة ربوه على هذا، وعلى تعظيم هذه القبور فإثمه عليهم؛ لكن من تبين له الحق لا يجوز له والله يا أخي أن يعظم هؤلاء الأولياء، وأن يدعوهم من دون الله ويستغيث بهم من دونه، أو يظن أن لهم تصرفا في الكون، أو أنهم يعلمون الغيب.
الله عز وجل يقول: {ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة}، تخيل يقول: لو ظللت تدعو هذا الولي، أو هذا النبي إلى يوم القيامة ما يمكن أن يستجيب لك، هو ميت ربما لا يدري عنك شيئا، ولو علم لا يستطيع أن يفعل، هو الآن ميت لا يستطيع أن يملك لنفسه نفعا ولا ضرا فكيف بغيره {ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون} مغيبون.
ثم مصيبة قالوا: {وإذا حشر الناس كانوا} اجتمعوا يوم العرض الأكبر على الله {كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين}، يتبرؤون منهم {إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب، وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار}.
{رســـالـة الإســـلام}